كتب // وائل عباس
أى مستوى أخلاقي هذا الذى وصلنا إليه فى مصر ؛ الأدنى والاسوء انحطاطا عبر التاريخ ؛ غل وحقد وحسد وغيرة ؛ ضاعت الأمانة وقل الأمان ؛ وأصبح الجميع مترقب ومتوقع الغدر والخيانة حتى من أخيه ؛ لا عهد ولا وفاء ولا رجولة ولا شهامة ؛ قل الدين في قلوب الناس وقل العاملين به ؛ انعدمت الأخلاق وانتهت المروءة وأيامها ؛ فلا كبير يأمر بالمعروف ولا صغير يأتمر ؛ يتباهى الناس بالمنكر ويمدحون أصحابه وصانعيه ؛ أصبحت شياطين الإنس أكثر احترافا وعبقرية من الأبالسة لدرجة أن إبليس وجنوده وأبنائه تركونا وهم مطمئنون .
عشت هنا وكانت طفولتى وصباى حيث الأهل والجيرة والترابط والمودة والرحمة ؛ حيث الكلمة الطيبة وأهلها ؛ حيث الأمان ؛ كان هناك للكبير كلمة طيبة نافذة على الكل ؛ يحضرنى إحدى مواقف المشاكل الأسرية وأنا صغير ؛ حيث تأزمت الأمور بين الرجل وزوجته حتى وصلت إلى حد الطلاق ؛ واجتمع الأهل لبحث الأشكال وكل طرفا يدافع عن حجة صاحبه ؛ حتى حسم كبار الطرفين النزاع أنه لن يقع طلاق ؛ فهناك أبناء وواجبكما يحتم عليكما تكملة المشوار ؛ وانتهى الخلاف مع الأيام ؛ أما فى تلك الأيام التى نعيشها الآن ؛ نجد أن لا كلمة تسمع لكبير ولا أحترام لأحد ؛ كلا كبير نفسه كلا سيد أمره ؛ حتى وإن كان يعلم تماما أنه ليس على صواب ؛
هتك الستر وشاع الفساد وانتشر الزنا ؛ اصبحوا لا يعرفون من الدين إلا الصلاة وإن ادوها .
الأبن يسب ويضرب ابويه فى كبرهما ؛ ويطردهما من مسكنهم من أجل نفسه وزوجته ؛ الأخ يعتدى على عرضه ويهتك ستر أخته هو وصديقه ليبتزها ويسرق ورثها ؛ يا الله يا الله أى بشر هؤلاء .
الصاحب يتفنن فى خيانة صاحبه الذى وثق به ليسرقه من أجل المال أو من أجل مرضا فى قلبه .
اصبحنا نخاف من بعضنا البعض ؛ اصبحنا نتصيد الذلات ؛ أصبحنا نتوقع السوء حتى لا نفاجأ به .
أصبحنا أسوء شعب على سطح الكرة الأرضية ؛ أصبحنا أكثر افتراسا وتوحشا من ضوارى الغابات .
هذا هو نتاج عصر مبارك وهذا ما زرعه فى نفوسنا عمدا ومع سبق الإصرار والترصد . كان أعلامه مسمما ؛ سمم أفكارنا ونزع الرحمة من قلوبنا ؛ علمنا التوحش واللآدمية من خلال الأفلام والمسلسلات المدسوسة ؛ والتى حللت الحرام وسهلته ؛ وحرمت الحلال وصعبته ؛ علمونا كيف نسرق بعضنا البعض تحت مسمى الذكاء وتشغيل الدماغ ؛ علمونا أن البلطجة هى النجاح والطريق إلى القمة ؛ حللوا الزنا وسهلوه فى أعين النساء ؛ شددوا الفقر حتى نبيع القيم والمبادئ ؛ منعوا أهل العلم والخلق وضيقوا عليهم .
أناشد السيد الرئيس وهو كبير العائلة ورب الأسرة ؛ أن ينقذ الأجيال القادمة ؛ أن يضع حدا لهذا الفساد الذى استشرى فى نفوس البشر ؛ أن يضرب بيدا من حديد على يد المفسدين ؛ أن يمنع بكل حزم هذا الإعلام العابث المضلل ؛ أن يأمر دعاة الأزهر أن يعتلوا المنبر ويعلموا الناس من جديد ؛ يعلموهم الدين الصحيح بعد أن لوثه الإخوان والخوارج والجهلاء ؛ أن يشدد على التعليم أن يكون هدفه وغايتة التربية قبل التعليم ؛ أناشد السيد الرئيس وكلى ثقة فيه أن هذه الحرب لا فارس لها إلا هو .
وأخيرا ارجو الله الرحمن الرحيم أن يتوب علينا ولا يأخذنا بما فعل السفهاء منا.
More Stories
كلمتين بحب .. حريق دور العبادة بين العقل والتعصب
حال المشجعين في مصر “إنما للصبر حدود”
رحل رمضان ولكن !